الخميس، 15 مارس 2012

ضيـــف المــوســم

ضيـــف المــوســم
عن بيتنا لا ينقطع الضيوف .. عابرو سبيل .. طالبو حاجة .. واصلو رحم .. راغبون في صداقة .. عارضو خدمات .. مقدمو هدايا .. وغيرهم ..
من هؤلاء يحل علينا ضيف غريب الأطوار .. منقطع الأخبار .. موعده في شتاء الحول .. يعتبره البعض ضيفاً إجبارياً .. إن طال مقامه .. لكنا نعتبره شراً مطلقاً إن أطال ارتحاله ..
في هذا العام حلَّ علينا ضيفاً كما كل عام .. لكنه أطال المقام .. ليس كما كل عام ..
ما إن حال الحول على الشتاء حتى جاء ..
أخذ الأجواء .. وحاز على الأنباء ..وغطى كل الأرجاء ..
جاء بخطواته خفيفة الظل حيناً وحيناً خطوة إبطاء ..
يتناول إفطاره عَجِلاً متأهباً .. ينطلق لحديقة بيتنا .. يغسل وريقات أشجارها ..يغذي حبيبات تربتها .. يُغرق حشراتٍ في الماء ..
يحين موعد الغداء .. ننادي عليه فيتناوله على عَجِلٍ ويغدو إلى السطح يعزف أوتاره على خزانات الماء ..
ثم على كومة الرمل في الزاوية فيحيلها من شدة العزف سيولاً تتدفق حتى تصل الميزاب الواصل للشارع لتغرق سطح السيارة حانية السقف مبلِّلَةً جار البيت أبا أحمد فيسبَّ السيارة دونما ذنبٍ فيزيد السطح انحناء ..
تقترب الشمس من الأفق والغيم يخبئها .. ويواصل ضيفنا عمله ..
يلمح من بعيد قطعة اسبَستٍ بجوار لوحٍ من الصاج فيَطربَ لهما ..ينهمر عليهما يذيقهما ويلاته حتى يصرخا من شدة الطرق ..حتى لكأنهما ضاقا به ذرعاً .. وشعرنا نحن بشعورهما .. على مضضٍ دعوناه للعشاء حين تركتنا الشمس يتامى الضوء ..
"ماذا تفعل ؟؟ تتصرف وكأنك في بيتك؟؟" سألناه على طاولة العشاء .
فأجاب بصمتٍ وعجبٍ لاحَ على قسماتِ وجهه .. تناول عشاءه وانطلق .. تركناه آملين أن يقابلَ الإحسان بمثله ..
فلما شقشق الصبح .. وألقت السماء عنها دثار الغيوم .. وجدناه قد ارتحل..
أحقاً ارتحل ؟؟
يا ترى .. هل غضباً منا ؟؟ أم إشفاقاً علينا .. أم ماذا ؟؟
تفقدنا البيت وفوجئنا بما فعل ؟؟ هل أسأنا الظن به ؟؟ كيف له أن يفعل ذلك وحده ؟؟
غسل شبابيك البيت المتسخة منذ سنين .. نقَّى هواء البيت العكرِ .. وأكثر ..أروى الأغصان التي كانت تتشح سواداً وحداداً .. نضَّر أثمار الشجر .. وأزال عن الثوب الوبر .. حتى الخزان الخاوي أثقله حملاً بالماء ..
لا نعرف كيف ؟! استغربت ..تعجبت .. هل حقاً فعل ذلك وحده ؟؟
حتى ناداني صوت الحكمة : يا ولدي ...
لا تعجب فغيث السماء هذا جزءٌ من جزءٍ من ماْئةٍ من رحمة خالقنا الوهاب ..
شكرت الصوت وشكرت الله على هذا الغيث ..
فقد كان بحقٍ ..
ضيف الموسم

الأحد، 11 مارس 2012

وطني

وطنـــــــــــي
كم أنت عظيم يا وطني !!
كم أنت عظيم حين تحتضن الصبح المعبق بشذا رائحة الدم الزكية الطاهرة ..
كم أنت عظيم وأنت تخزن أطنان الصبر لحين المحنة ..
كم أنت عظيم وأنت تزفُّ إلى الدنا مناراتٍ وأعلاماً من عشاقك ..
كم أنت عظيم وأنت تلهم إخوانك المتململين وتهبهم ترياق النجاة ..
نعم .. كم أنت عظيم ..
ولكن ..
حدثني عنك ..
كيف العظمة صارت رداءً لك ؟؟
كيف المحنة طوَّعتها وتحايلت علي حروفها وقلبتها لتصبح منحة ؟؟
حدثني عن أهلك  .. كيف لهم هذا الصبر ؟؟
حدثني عن تربك .. كيف له هذا الطهر ؟؟
حدثني عن جرحك .. كيف له هذا العمر ؟؟
حدثني عن بحرك.. كيف له هذا الهدْر ؟؟
حدثني عن صوتك.. كيف له هذا الجهر ؟؟
حدثني عن خصمك .. كيف له هذا الغدر؟؟
لا أعرف كم قرناً يا وطني سيحدثني عنك ؟؟ وكم من زمنٍ يروي لي قصتك ؟؟
ولكن أعرف أنك أنت .. كنت .. ومازلت .. وستبقى .. عظيماً ..
كم أنت عظيم يا وطني !!
وقد صدق الشاعر مظفر النواب حين قال :
وطني علمني كل الأشياء ..
وطني علمني أن حروف التاريخ مزورة إن كانت بدون دماء ..

وطني

في ظل الهجمة الشرسة على قطاع غزة .. وشلال الدماء الذي تروي أرض الوطن ..
كانت لي هذه الكلمات ..

الثلاثاء، 6 مارس 2012

هل من الأقدار مفر؟


هل من الأقدار مفر؟

عندما تنبئ الديكة بصياحها عن انبلاج الفجر ..وتعلن شقشقة العصافير عن انطلاق الحياة ..يهجر المرء منا فراشه ..تاركاً أحلامه وآماله التي كان يحلم بها طوال الليل ..ليجد أمامه واقعاً صعباً مريراً عليه أن يقف أمامه كالطود الشامخ ..
يعرف أنه قد يواجه شيئاً ..لكنه لا يدري ما هو ؟! ..
هل سيواجه ما يعينه من معاني الثبات والصمود ..الشموخ والإباء ..التضحية والصبر ..التقدير والحب ..الحنان والحزم ..الحكمة والفطنة .. المسئولية والتكامل ؟؟
أم أن ما سيلقاه لن يكون سوى غرسٍ لمعاني التضعضع والتراجع ..الذل والانكسار ..التشاؤم والاستسلام ..الخضوع والذبول ..التضجر والملل ..الكراهية والحقد ..التساهل واللامبالاة .. السذاجة والتغابي ..الفوضوية والعشوائية ؟؟
هو حقاً لا يدري .. لكن الواحد الأحد ..الحكيم العليم .. وحده يعلم ويدري .. ولكن علمه –عز وجل- لا يعني أنه مسيَّر في كل شيء .. فالمرء مسيَّر ومخيَّر ..
مسيَّر ..
فلا يختار أمه ولا أباه ..ولا ومسكنه ولا مأواه .. ولا أخته ولا أخاه ..ولا اسمه ولا كنيته ..ولا أين يولد ولا أين يموت ..
ومخيَّر ..
فأمامه نجدان –طريقان- ..طريق الخير وطريق الشر ..يمكنه أن يقضي الساعة من الزمن مصلياً خاشعاً خاضعاً لله .. كما يمكنه أن يقضي نفس الساعة من الزمن عاصياً متمرداً مذنباً بحق الله –عز وجل- ..
فالمرء يسير في قدر الله ..يعيش ضمن ناموس كوني عظيم مهيب .. خلقه الله العظيم فليس له إلا أن يكون كوناً عظيماً ..
والمرء منا ما هو إلا مخلوق ضعيف ضمن هذه المنظومة الكونية ..قد يقدِّر لنفسه أمراً ولكن قدر الله ينفذ ..حياة المرء أقدار ..عليه أن يكون جزءاً منها ..ولا يتمرد عليها ..لأنه شاء أم أبى فقدر الله نافذٌ لا محالة ..
ولله در محمد أبو راتب الذي كتب شعراً :
حيــــــــاة المـــــــــــــــرء أقدار بأمر الله أسـفـــــــارُ
ففيها الفرح والأحزان والأشيـــــــــــاء مقـــدارُ
يسيرهــا الإله كمـــــا يشأ لا لا كمــــا شاءوا
ويرسم خطوها الرحمن يخفض يرفع الشانُ
ونحن بدورنا نرضى فحكـــــــم الله أحكـــــــــامُ
لها التسليـــم والإيمـــــــــان والإسلام سلـــــــوانُ

الأحد، 4 مارس 2012

عن الصباح

عن الصباح
ح(7)

تشرق الشمس ..
فتذيب جليد الكسل .. وتقصي ظلام اليأس ..
تشرق الشمس بالأمل ..
تشرق الشمس بالعمل ..
تشرق الشمس لتعزف مع شقشقة العصافير ..
فتعزف معها سمفونية التفاؤل ..
تشرق لتغني مع حفيف أوراق الشجر ..
فتغني معها سمفونية المحبة ..
تشرق لتنشد مع هدير البحر ..
فتنشد معها سمفونية الجمال ..
فيحلو بكل ذلك ويزهو إنسان نشيط  ..
فكُنْهُ تعشْ عيش السعداء ..

عن الصباح ح(6)

عن الصباح
ح(6)

هذا الصباح ...
صباح  الكد والجد .. الجد والعمل ..
صباح  العمل و الكسب .. الكسب والبذل ..
صباح  البذل والعطاء .. العطاء والبناء ..
صباح  البناء والتعمير ..
إن كل ذلك في الصباح .. وغير ذلك في الصباح ..
فما أجمل الصباح !!
صباح الخير ..
قم وانهض ..
فالصباح هلَّ ..
نعم هلَّ الصباح ..
هلَّ بالحيوية والنشاط ..
هلَّ مشمراً عن ساعد الجد ..
هلَّ ممزقاً خيوط الفشل ..
هلَّ مقيداً أغلال الكسل ..
هلَّ يدعوك ..
يدعوك أنت ..
نعم أنت ..
أنت .. أنت  .. وليس غيرك
يدعوك لتشاركه الأمل .. والعمل ..
لتشاركه الجد .. والكد ..
فمن جدَّ .. وجد ..
ومن زرع .. حصد ..

الأربعاء، 29 فبراير 2012

عن الصباح - ح (5)

عن الصباح
ح (5)

صباح الخير ..
يقولون الخير في الصباح  ..
ولكن لماذا الصباح ؟؟
أقول لكم لماذا الصباح ؟؟
الصباح وما أدراك ما الصباح ؟؟
في الصباح ...     صاد الصــدق
في الصباح  ...    بـــــــــــــاء البـِّـــــــر
في الصباح ...     ألــــف الأمانة
في الصباح ...     حياة الحرية

إنها ترنيمة الصباح ..
فصباح الخير ..
وكل الخير في الصباح

الثلاثاء، 28 فبراير 2012

عن الصبــاح (ح4)

عن الصبــاح
ح (4)

حين يطرد النور الظلام .. تشرق الشمس ..
فيغدو الظلام طريداً مشرداً ..
فلا تجعل قلبك ملجأً له ..  
ودعه مشرداً  ..
حين يطرد النور الظلام ..
تشرق الشمس ..
فتعلن شقشقةُ العصافير في الملأ ..
نصرها على صمت الليل المهيب  ..
فيغدو الصمت مكبلاً مقيداً ..
فانتصر على الصمت ..
وكبِّله .. واصدع بالحق ..
فالساكت عن الحق شيطان أخرس ..

الاثنين، 27 فبراير 2012

عن الصبــاح (ح3)

عن الصبــاح
ح(3)

صباح يشرق ..
ويشرق معه الحب والنقاء ..
يشرق معه الود والإخاء ..
يشرق معه البذل والعطاء ..
يشرق معه كل الصفاء..
صباح يشرق
ويشرق معه كل شيء جميل ..
فعش بهذا الجمال  ودعك مما دون الرمال ..
صباح يشرق ..
ويلقي خلفه الحقد والغيبة ..
يلقي خلفه الكراهية والنميمة ..
يلقى خلفه البغض والحسد ..
يلقي خلفه الشجار والقطيعة ..
صباح يشرق ..
ويلقى خلفه كل شيء قبيح ..
فاقتدِ بالصباح .. لعله يكون قدوة حسنة ..