السبت، 7 أبريل 2012

أصـــداء شــمعــة

أصـــداء شــمعــة

شاهد الفيديو :


لا شيء سوى السواد, أرى كل شيء بأدق التفاصيل, ولكن باللون الأسود, جدران سوداء, أبواب سوداء, رمال سوداء, وملامح سوداء, حتى الصمت الذي يعقب صوت صراخي أسود.
اللون الواحد, لم أعتد على هذا, فدائماً أرى الأشياء بعدد لا محدود من الألوان, فلماذا هذا العذاب؟
رأيت أن أتوقف عن الصراخ, علّني أستشف شيئاً مما حولي, وقفت على شرفة الرهبة, تنسمت الصمت, حدقت في أسوار الخوف, حتى تسلل ذلك الحفيف الخافت إلى أذني, لا أدري لماذا ظننته كصوت الأشجار التي اعتدت سماعه حين أطل من نافذتي كل صباح, يصاحبه زقزقة عصافير غادية للرزق.
حبست الأنفاس لأتأكد من ذاك الصوت, إنه يدنو مني, شيئاً فشيئاً طغى صوت العويل والنحيب يتردد صداه بعدما اصطدم بحائط الظلام, لا أدري لماذا حافظ ذاك الصوت على مسافة ليست بالبعيدة مني, ولكن في الوقت ذاته ليست بالقريبة أيضاً.
يكاد يقتلني القلق وهو واضع نصله الماضي على عنقي, من هذا؟ ولماذا هذا الصراخ؟ ومتى سينتهي؟ من الفاعل؟ ومن المفعول؟
قلّبت الرمل المتناثر بين يديّ, لاك لساني تمتماتٍ غريبة الأطوار, وأموراً غير مفهومة لأخفف من وقع ذلك الصوت.
ههها .. نعم .. صوته جميل ..  ولكن الثاني حنجرته ذهبية  ..  كلا, أخالفك الرأي فالثالث أندى صوتاً
تلك الأصوات من الجهة المقابلة داهمت تمتمات لساني المتلعثمة, هستيريا أصابتني, أين أنا؟
أخالني غارقاً حتى النخاع في بحر الغموض.
لم يدم هذا طويلاً, يدٌ امتدت فانتشلتني, ويدٌ أخرى وضعت شمعة, عودُ ثقابٍ أطلق شرارة الأمل في قلبي, وأضاء تلك الشمعة التي توسطت هاتيك اليدين.
نور خافت, قليلٌ من الألوان, تأملت المكان, النوافذ, الأبواب, الجدران, والأثاث, وقبل ذلك كله ذلك الوجه الذي تحاكي عيناه البدر تألقاً.
تنهدت أخيراً, وانزاح نصل القلق عن عنقي, زالت مخاوفي وشكوكي, فقد تأكدت أني كنت ولا أزال : في غزة .

هناك تعليق واحد: